من أنا

صورتي
عندمــــــــــــا امنحك تواضعـــــى .. لا تسلبـــــــني اعتزازي بنفســـي

no copy

الجمعة، سبتمبر 27، 2013

في وصف قُـبـلــــــــــــة ..،،




المكان : داخل غرفة العمليات
الحالة : جراحة لمريضة تعاني من ثقب في قلبها 
الجو العام : الاطباء يحاولون بذل طاقاتهم لرتق ذاك الثقب قبل أن يودي
بحياتها !!

**************************

المكان : مكان بعيد غير معلوم
الحالة : هاجر هجرة غير شرعية 
الجو العام : تائه ..
لا يعلم الى أين وجهته !!
ولا كيف سينتمي الى أرض غير أرضه !!

************************

فترة النقاهة
اختارت تلك البلد البعيدة على أطراف أوروبا
لتستكمل رحلة البحث عن نبض جديد داخل قلبها الهزيل
 بعد أن فعل الاطباء كل ما بوسعهم من أجل انقاذه !!

*************************

في مثل رحلات الهلاك تلك
يتذوق مرارة الذل
تـعـب
ارهاق
هزال
مرض
جـوع 
عطـش 
ويصبح سقــوطه محتوماً

**************************

سقط على عتبات منزلها 
وكانت مسعفته الوحيدة
ضمدّت هزاله وضعفه
ربتت على صدره وهي تتحسس قلبه
تستمع الى دقاته

كم هو جميل هذا الجسد حين يكون أملساً دون خياطات الجرّاح !!
حاولت أن تقارن بين ملمسه وملمسها الشائه
ولكنها خجلت من مس جراحاتها 
فأسوأ تلك الندوب على الإطلاق هو ندوب قلب مثقوب

************************

مر الوقت وتعافى ..
كان ممتناً لها صنيعها معه وانقاذها إياه

وكانت هي كذلك ممتنة له 
فبرعايتها له طاب قلبها واستقامت صحتها 
ونسيت الآم مضغتها المعتلة

*****************************

ودّعها بوعد أن يعـود
ودّعته برجاء أن يعود

**************************

ومرت الأيام والشهور
تقابلا من جديد 
 بدت هزيلة .. شاحبة .. ضعيفة ومهمومة 
وبدا عليه الموات من قهرة الاغتراب بعيداً عن أرض الوطن

**************************

 تقابلا 
وتعانقا
وتذكر كل منهما دواء وجيعته 
فهي كانت تنسى ألمها بألمه
وهو كان ينسى غربته بوّنسها وابتسامتها

***************************

وفي لحظة عناق
ضمها أكثر الى صدره ليقتحم ندوب جرحها النازف
جعلته يلامس بجسده الأملس موّضع تشوهها
فضغطت به أكثر
وذابت في عناق معه

تَلَامسَ صدره مع ندوبها

وحرارة أنفاسه مع وجنتيها
واستجابت لزفير يعانق شهيقها المبتور
فما كان من شفتيها إلا أن تدعوه بنصف فتحة الى تقبيلها

وقبّلها !!

قُبلة واحدة أحيّتها
وقُبلة واحدة أعادته الى أوطانه 

قبلة واحدة عفت عن كل لعنات مشارط الجرّاحين
وقبلة واحدة هدهدت أنينه الصارخ بهوان الغربة 

************************

ربما لو كانت تلك القُبلة قَبلَ القَبل 
ما كان اعتل قلبها
وما هان عليه أرض الوطن وارتحل !!



الاثنين، يناير 28، 2013

دلــوعــــة أبــوهــــــــــــــا ،،





كنت ومازلت تلك المرأة التي يطلقون عليها لقب 
( دلوعة أبوها ) 
على الرغم من أني قد تجاوزت الثلاثين من عمري بأربعة أعوام 
****************************
تذكرت ذلك بنصف إبتسامة ودية ارتسمت على شفاهي وأنا أشق طريق المحور الى منزلي .. 
كان وجهه منحوتاً على الطريق وهو  يبتسم لي ..
وكأنه حَضَرَ  يُحَرِرُ لي بعض المشاهد التي لا يمكن أن أنساها 
ليذكرني بأني طفلته التي مازالت تشتهي شيكولاتة سنيكرس ..
وأني فتاته الشقية التي عشقت عادة إفتراش الأرض معه في مثل تلك الليالي الباردة .. 
ليجمعني بأخوتي في مكان واحد،  تاركاً كل الغرف المتاحة في منزلنا الواسع..
كان ذلك فقط من أجل أن نتدثر  به 
من أجل أن نأمن به في بلاد الغربة ..

استطاع أن يستحضر الى منزلنا  بهجة المصريين وطقوسهم في شهر  رمضان  والأعياد وكل المناسبات المختلفة التي تحتفل بها مِصر ،دون غيرها من البلاد العربية..
لقد كان يصر على الاحتفال بكل ماهو مصري أصيل
أراد ذلك ليعلمنا كيف نحمل وطننا في قلوبنا مهما أغتربنا وابتلعتنا ليالي الوحدة والأرق ..

حبيبي يا بابا ..!!
لم يكن يترك شيئاً نحبه إلا وكان بين أيدينا 
كان يتألم بشدة إن أصابنا خدش 
وكنا نُصاب بألم أكبر  لنستقطب ذاك الحنان المتوهج في عينيه  .

كم تحمل من أجلنا ؟؟
كانت الغربة حملاً ثقيلاً عليه .. لكنه كان يتحملها من أجل استقرارنا نحن 
فالوطن بكل روحه وموروثاته كان  يسكن ثنايا بيتنا ..
حتى لا ننسى .. وحتى لا نفقد إنتماءتنا 
أحب ( جمال عبد الناصر  ) وكان يعلق صورته في غرفة الجلوس لتكون مزاراً لكل المصريين في الغربة .. ولتكون مصدر هويتنا لمن هم ليسوا من مثل جنسيتنا .
آمن بكل ماهو مصري أصيل وأراد لنا أن نتذوق تلك الأصالة حتى وإن فصلنا عن وطننا آلاف الكيلومترات.

********************************
أتذكر  أيضاً يوم كان يغضب من تمردي على تدليله لي ..
كان يثور ثورة المحب  إن ذهبت للسوق أو حاولت مجرد التفكير  للذهاب الى طابور العيش .
كانت جملته الوحيدة لي وهو غاضب :
( يعني إيه تروحي السوق !! .. يعني إيه تقفي في طابور العيش !! .. قولى لي عايزة إيه وأنا أجيبه ..)
هذا الحبيب دللني كثيراً ..
دائماً كان القائم بكل شئ لنا ومن أجلنا ومن أجل راحتنا وسعادتنا .
****************************
إن تكلمت عن والدي فلن أكف عن الحديث ولأصبحت كلماتي أكثر مأساوية 
لا أريد ذلك ..
أردت فقط أوجه رسالة الى ابني :
حبيبي الغالي .. لا تحاول أن تُغضب امرأتك يوماً أو أن تَغضب منها ..
فهي كانت في يوم من الأيام أميرة لرجلٍ آخر تنازل عنها لك لتتوجها ملكة 
لا أن تصنع منها جارية !!
كن أبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً جيداً يا بنيّ .. 
فالأب الحنون يبصم على روح أبناءه بذكريات جميلة يخلدون بها ذكراه العطر ة .
*************************************
وأنتِ يا أنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ..
كنتِ غبية يوم تمردتي على وصاية والدكِ المحب ..
كان  يرغبك أميرة كما كنتِ دوماً في بيته ..
****************************************
أبي ..
مر أربعة شتاءات على غيابك 
فما عاد هناك حب نتدثر  به 
وما عاد للدفء مكان في حياتنا..
أبي ..
في غيابك نزلت أميرتك عن عرشها .. وانحنى ظهرها 
ولكني مازلت أشتهي شيكولاته سنيكرس 
ففي داخل نفسي أشعر بأني 
( دلـــــــوعـــــــــــــــــــــة أبوهــــــــــــا )





كتبت تلك التدوينة بتاريخ 15 /يناير /2013 

ونشرت اليوم بتاريخ 28/ يناير/2013 .. في الذكرى الرابعة لوفاة والدي 
نسألكم الدعاء وطلب المغفرة